ريمون جوزيف

إيمان موروث؟ أم إيمان مدروس ؟

about image

نبذة تاريخية

طبيب بشرى يحب التخيل و التأمل و إعمال العقل و يكره النقل و التلقين و تغييب العقل، بدأ الرب يتعامل معه و يستثير ذهنه ( معاملات لفت الانتباه ) منذ سن مبكر، تقريباً فى السادسه عشر من عمره.

معاملات الهية

كانت المعاملات فى مجملها فكرى و بالطبع لا تخلو من اختبارات عمليه قويه، لكن إن شئت ان أُجمِل الطابع العام لها أقول انها كانت هجوم شرس عنيف لكمٍ مهول من الاسئله الفلسفيه و الوجوديه و الروحيه الصعبه و المعقده التى بدأت تنهش فى ذهنى الغض وقتها و الذى لم يحتمل ضراوة الرياح فإنهار تماماً و إنهدم و تفكك، شككت فى كل الثوابت الموروثه التى كنت متكل عليها بطبيعة نشأتى فى اسرة مسيحيه، كل الثوابت بدون استثناء لدرجة انه لم يتبق لى شىء واحد فقط ثابت استطيع ان اتعلق به كى لا أغرق وجودياً و أُفقَد

 كانت نقله كبيره و شعرت انى خرجت نفسياً و فكرياً من مرحلتى العمريه حاملاً هم و مشغوليه فكريه و بحثيه ضخمه اثقل من قدرات ذهنى، شعرت أن الارض تنسحب و تتلاشى من تحت قدمى، و كأن احدهم إلتقطنى بطرف إصبعه و نقلنى من على الارض و طرحنى فى المحيط.

أتذكر أنى اشتبكت مع الحياة فى اكثر من موقعه، صارعت اسئله عملاقه كنت اراها جبالاً تقف امامى، مررت بليالٍ حالكة السواد، ظلام دامس، ليالٍ ليس بها اى بصيص من النور أو أى بارقة أمل، كنت لا انام اياماً، اقول هذا صدقاً دون مبالغه

اوقعنى احتياجى و حيرتى فريسه لكافة انواع التوجهات و المدارس الفكريه، المدارس الفلسفيه، المدارس المحافظه التقليديه، المدارس الكاريزماتيه المتحرره، و اقول كلمه موجزه بخصوص كلٍ منهم :

about image
01
المدارس الفلسفيه او دراسة الفلسفه زادت المشكله تعقيداً، او بالقول الدارج "زادت الطينه بله" لانها فتحت عينى على ابعاد و اعماق و جوانب جديده للمشكله لم اكن افطن لها قبل الدخول الى عالم الفلسفه هذا، لقد زادت الاسئله أسئله دون ان تقدم إجابات شافيه
02
المدارس المحافظه التقليديه اعطتنى ذات الاجابات المحفوظه المتحفظه التى كنت اعرفها و لم تكفينى، ليس عندهم جديد
03
المدارس الكاريزماتيه المتحرره اغرقتنى بالوعود و اشعرتنى بالتفاؤل و الامل لكن وعودهم لم تتحقق و كل ما اخذته منهم هو مجرد شعور مؤقت بالتفاؤل لبعض الوقت لا أكثر

الآن أستطيع القول

المدارس الفلسفيه هى مدارس نظريه تحليليه، تحلل ابعاد و اعماق البحر و طبيعة المياه و نسبة الملوحه و كيف تساهم فى بقاء الجسم طافياً لكنها لن تعلمك السباحه و لن تمد لك يد العون اذا بدأت تغرق

المدارس التقليديه مدققه متحفظه جداً، هى مدارس تمتاز بلستة من المحظورات و المحرمات ( حتى لو كانوا يعظون بغير هذا ) و فى تحفظها الشديد سوف تمنعك من الذهاب للبحر اصلاً لئلا تغرق

المدارس الكاريزماتيه متحرره جداً حتى انها سوف تدفعك للذهاب الى البحر محملاً بالأمل حالماً بالشروق لكنها سوف تُرجِعك من هناك محملاً بخيبة الأمل فى ظلام الغروب و انت اكثر عطشاً

Image

ممزق بين المدارس...

لكن و انا ممزق بين المدارس و التوجهات و الاسئله و الخدام اقترب الىّ يسوع نفسه، و تدخل الله برحمته و نعمته فى حياتى بطرق متنوعه و غريبه و مؤكده، استطاع من خلالها ان يستعيد النفس و يبنى الكيان و يجمع الشتات مره اخرى، و هنا لا يمكننى ان انسى شخصين التقيت بهما، احدهما مازال موجوداً و الآخر قد سبقنا الى السماء...

الاول اسم لامع جداً و مثل هذه القضيه هى مجاله الخدمى، ذهبت اليه فى ليلة شتاء اتذكرها جيداً، كان الجو بارد جداً و مطير و كانت الساعه حوالى ١٢ بعد منتصف الليل، ذهبت و انا افترض بقدر ما ان الله موجود، و خرجت من عنده و قد مات هذا الافتراض، كان يتكلم بعجاله شديده و كشاره و اقتضاب و قطع، كان يجاوب بجمل قصيره ( يجاوب على اد السؤال ) لم يشعر بى و بإنهيارى الداخلى ( شخص تانى غير اللى على المنبر خالص ) حاولت ان أخذه بسيارتى الى محل اقامته حتى يكون لدى مساحه اكبر من الوقت لاتحدث معه فى الطريق لكنه رفض بقطع، لقد كنت أعول كثيراً على لقائى معه، لكن اتذكر انى خرجت من عنده محبطاً جداً و قد ازدادت الدنيا سواداً فى وجهى، كان لقائى به من اسود ليال حياتى، ليس فقط لانى ازددت حيره لكن لانى صُدِمت فيه، خرجت و انا اقود سيارتى مخاطباً نفسى و ليس الله ( لو انت موجود فعلاً خذنى من هذه الحياة لاتيقن انك موجود )

لكن الثانى كان بمثابة طوق نجاة، اكتشفت فيما بعد ان الله هو الذى رتب ان التقى به، انه الرائع الدكتور مجدى صموئيل، قال لى كلاماً مشجعاً منيراً حقيقياً ليس اوهاماً و لكن صدقاً و حقاً، لم يكن يخدعنى بحلو الكلام حتى اتماسك، كثيرين غيره فعلوا ذلك و كنت ارفضهم و ارفض كلامهم لانى كنت لا ابغى ان اعيش مخدوع مضحوك علىّ مُسَكَّن الآلام، و لو كان باقياً على الارض الى يومنا هذا لذهبت اليه لأقول له "صدقت فى كل حرف قلته لى" لقد تحققت كلماته لى، نعم كانت رحلة مريره لكنى اكتشفت بعدها الكثير و الكثير.

اذكر البعض لعله يكون مفيداً لاحدهم :

استنارة
وتعاملات الله

يبنى

إكتشفت ان الله لا يهدم الا ليبنى على أسس اصلب و اقوى، الله لا يهدم ليدمر و لا يُميِت ليهلك لكنه يُميِت ليحيي، الله لا يرضيه بناءاً مبنى على موروثات هشه غير مُدرَكه، الله لا يشبع بشخص ذو كيان داخلى هش حافظ مش فاهم، لكنه يريد ان يضع اساساً صلباً لبناءاً صلباً .. الله احياناً يهدمك لينقلك من مرحلة الايمان الموروث الى مرحلة الايمان المدروس

يملأ

إكتشفت ان الله لا يحفر الا ليملأ، الله لا يحفر بهدف التخريب، الله صالح، لكنه إن حفر داخلك حفراً عميقه و واسعه فهذا لانه يخطط ان يملأها بمطراً غزيراً، و عندما يستخدم الله الاسئله كماكينات للحفر ثق انه يبغى عمل ممرات و قنوات و حفر لاستقبال امطار الاجابات الالهيه التى ستهطل يوماً بغزاره لتملأهم.

 

سباحة

اكتشفت ان العلاقه مع الله سباحه، و ان العيشه فى المحيط لمن يجيد السباحه امتع و اثمن و اكثر اثاره من العيشه الرتيبه على الارض، فى المحيط هناك كنوز و جواهر، نعم هى اصعب، نعم هى صراع مع الامواج، قد تكون أخطر لكنها امتع و افيد، فى المحيط ترى الله الماشى على الماء و ليس الله السائر على الارض
 

اكتشفت انه صالح و انه لم يكن يغرقنى عندنا سحب الارض من تحتى و القانى فى المحيط، كان يريد ان يعلمنى ان اسبح منفرداً كى لا اظل طفلاً محمولاً و مدفوعاً مع القطيع

اكتشفت ان الله فقط هو الذى يستطيع ان يفعل ما فشلت فيه كل المدارس، هو فقط يستطيع ان ينقلك من الارض الى البحر دون ان تغرق، هو وحده الذى يستطيع ان يمد يده لينتشلك اذا صرخت "يا رب نجنى" ، هو فقط الذى يستطيع ان يُمَشِّيك على الماء كما على اليابسه، و هو إختبار كافى و لحظه كافيه لاسقاط كل اسئله و حيره ارهقتى و أتعبتنى و أطارت نومى و مزقت تفكيرى لسنين طويله

04
رابعاً : إكتشفت ان يسوع فقط هو الذى يستطيع ان يفسر لك الامور المختصه به فى الكتب و أن يخبرك بأسرار لم تسمعها قط من أحد و هو فقط الذى يستطيع ان يطعمك مَنٌْ لم يعرفه اباؤك، و هو فقط من يستطيع ان يفك صراع النصوص الظاهرى عندما يقترب منك و يرافقك فى الطريق و يفتح ذهنك
05
خامساً : اكتشفت نفسى و مازلت اكتشف، و اكتشفت الآخرين ايضاً و مازالت اكتشف، و اكتشفت جوانب عظيمه و رائعه فى شخص الله ( او للدقه اقول فى نعمته سمح هو و كشف لعينى هذه الجوانب ) و مازال يكشف لى ذاته و هذه اعظم ثمار هذه المعاملات المؤلمه
06
سادساً : لا يمكن ابداً الخروج من هذا المأزق و هذا المضيق دون الرجوع للكتاب المقدس، إن احد اهداف الله من هذا المأزق الذى وضعك فيه هو ان تعود للكتاب بنظاره جديده ليكشف لك ذاته، ارجوك لا تحاول ان تخرج من هذا المضيق بدون الكتاب المقدس لان الفشل سيكون حليفك، اقرأ الكتاب المقدس حتى و ان لم تفهم، اقرأ الكتاب المقدس حتى و انت لست بكامل تركيزك، فمنه سيظهر الله و يُستَعلَن لك، منه سيذكرك الروح القدس بكلام انت قرأته و انت مشتت بدون تركيز لكن تم تخزينه فى عقلك الباطن، خصص للقراءة وقتاً و فى باقى وقتك اسمع الكتاب صوتاً حتى و انت تقوم بعمل شىء آخر، و تيقن ان لا حدود للطرق التى من خلالها سيُستعَلن الله لك، الوحيد الذى له الحق فى وضع هذه الحدود و تحديد الطريقه هو الله فقط كيفما ترى حكمته الطريقه الانسب فى التعامل مع شخصيتك و نمط تفكيرك، لكن كن على يقين انه حتماً سيظهر

و إن جاز لى ان انصح نصيحه لهؤلاء الذين يجتازون اختباراً مشابهاً سأقول نصيحه صغيره من كلمتين فقط ..
الكتاب المقدس .. انصح بقراءة الكتاب المقدس للذين يؤمنون به و الذين لا يؤمنون به .. للذين يفهمونه و الذين لا يفهمونه ..

انا عارف انك مستغرب من النصيحه دى و مش قابلها من جواك، لكن اسمع ماذا قال الروح القدس فى الكتاب المقدس رؤ ١ : ٣ "طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ ٱلنُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لِأَنَّ ٱلْوَقْتَ قَرِيبٌ." لم يقل طوبى لمن يؤمن مع انه بالطبع مطوب، و لم يقل طوبى لمن يفهم مع انه بالطبع مطوب، لكن اقول حتى من يقرأ و يسمع و يحفظ دون ان يؤمن و دون ان يفهم فهو مطوب، فمن خلال القراءه و السمع و اختزان كلمة الله داخلك سيتحرك الروح القدس و يقود فكرك و عقلك الجائع الباحث عن الله الى الله، سيقودك من خلال القراءة للفهم و الايمان، إقرأ حتى تفتح الباب لروح الله ان يأخذك للفهم و يعطيك الايمان

كان هناك شخص ذو منصب رفيع يقرأ الكتاب المقدس، لاحظه الله من عليائه و لاحظ انه لا يفهم ما يقرأه، فتدخل بقدرته و سلطانه و خطف فيلبس و جعله يرافق المركبه و يخترق حياة هذا الخصى الحبشى بالسؤال ( العلك تفهم ما انت تقرأ ؟ ) .. لم يتعالى و يتكبر و يَدَّعِى الفهم قائلاً مثلاً : بالطبع افهم فانا متعلم و اشغل منصب رفيع فى الدوله، لكن بتواضع شديد اعترف قائلاً كيف افهم ان لم يرشدنى احد، فبدأ فيلبس يشرح له حتى فهم و قَبِل و آمن و إعتمد .. كانت البدايه هى القراءة بقلب متضع و ليس بقلب يدعى كذباً انه يفهم كل شىء .. هذا هو كل المطلوب منك فى رحلة البحث عن الله و الحقيقه و الله سيتكفل بالباقى

إن الكتاب المقدس هو الشىء الوحيد الالهى المادى الموجود على الارض الان ( يمكن ان تمسكه و تلمسه و تقرأه بعيونك الحرفيه ) .. الروح القدس موجود فينا لكنه روح لا يُرى ..

المسيح الكلمه المتجسد حال فينا بالايمان لكنه صعد و لا يمكن رؤيته بالعيون الحرفيه الا استثناءات إن شائت حكمته ذلك .. لكن الكلمه المكتوبه هى وحى الروح القدس و احشاء المسيح موجوده بين ايدينا .. و كما قال المسيح ايام جسده ( من رآنى فقد رأى الآب ) هكذا لا يمكن معرفة الله فى رحلة البحث عنه دون الكتاب المقدس .. ان الكتاب المقدس هو النافذه التى منها نستطيع ان نطل على ملكوت الله و عالمه، فإن فتحتها سترى الله الحى الحقيقى، و ان تركتها مغلقه سترى اله آخر افتراضى رسمته خيالات عقلك البشرى و افتراضات رجال الدين خلاف الله الحى الحقيقى

من الكتاب المقدس بدأ الله يشرق على حياتى، و منه بدأ الطريق ينير، من خلاله بدأت أرى، من خلاله انسجم الصراع بل تلاشى، من خلاله اوقفنى الله على الصخر و ثبت خطواتى، من خلاله انتهى الليل و اختفت الحيره .. و هذا هو سبب عشقى لهذا الكتاب العظيم

remoon-jo-white.png

اشترك فى قائمتنا البريدية

اشترك الآن فى قائمتنا البريدية، لتتلقى كل جديد...

Copyright ©2024RJBooks .
payment-card-img

Search