نبذة تاريخية
طبيب بشرى يحب التخيل و التأمل و إعمال العقل و يكره النقل و التلقين و تغييب العقل، بدأ الرب يتعامل معه و يستثير ذهنه ( معاملات لفت الانتباه ) منذ سن مبكر، تقريباً فى السادسه عشر من عمره.
معاملات الهية
كانت المعاملات فى مجملها فكرى و بالطبع لا تخلو من اختبارات عمليه قويه، لكن إن شئت ان أُجمِل الطابع العام لها أقول انها كانت هجوم شرس عنيف لكمٍ مهول من الاسئله الفلسفيه و الوجوديه و الروحيه الصعبه و المعقده التى بدأت تنهش فى ذهنى الغض وقتها و الذى لم يحتمل ضراوة الرياح فإنهار تماماً و إنهدم و تفكك، شككت فى كل الثوابت الموروثه التى كنت متكل عليها بطبيعة نشأتى فى اسرة مسيحيه، كل الثوابت بدون استثناء لدرجة انه لم يتبق لى شىء واحد فقط ثابت استطيع ان اتعلق به كى لا أغرق وجودياً و أُفقَد
كانت نقله كبيره و شعرت انى خرجت نفسياً و فكرياً من مرحلتى العمريه حاملاً هم و مشغوليه فكريه و بحثيه ضخمه اثقل من قدرات ذهنى، شعرت أن الارض تنسحب و تتلاشى من تحت قدمى، و كأن احدهم إلتقطنى بطرف إصبعه و نقلنى من على الارض و طرحنى فى المحيط.
أتذكر أنى اشتبكت مع الحياة فى اكثر من موقعه، صارعت اسئله عملاقه كنت اراها جبالاً تقف امامى، مررت بليالٍ حالكة السواد، ظلام دامس، ليالٍ ليس بها اى بصيص من النور أو أى بارقة أمل، كنت لا انام اياماً، اقول هذا صدقاً دون مبالغه
اوقعنى احتياجى و حيرتى فريسه لكافة انواع التوجهات و المدارس الفكريه، المدارس الفلسفيه، المدارس المحافظه التقليديه، المدارس الكاريزماتيه المتحرره، و اقول كلمه موجزه بخصوص كلٍ منهم :
الآن أستطيع القول
المدارس الفلسفيه هى مدارس نظريه تحليليه، تحلل ابعاد و اعماق البحر و طبيعة المياه و نسبة الملوحه و كيف تساهم فى بقاء الجسم طافياً لكنها لن تعلمك السباحه و لن تمد لك يد العون اذا بدأت تغرق
المدارس التقليديه مدققه متحفظه جداً، هى مدارس تمتاز بلستة من المحظورات و المحرمات ( حتى لو كانوا يعظون بغير هذا ) و فى تحفظها الشديد سوف تمنعك من الذهاب للبحر اصلاً لئلا تغرق
المدارس الكاريزماتيه متحرره جداً حتى انها سوف تدفعك للذهاب الى البحر محملاً بالأمل حالماً بالشروق لكنها سوف تُرجِعك من هناك محملاً بخيبة الأمل فى ظلام الغروب و انت اكثر عطشاً
ممزق بين المدارس...
لكن و انا ممزق بين المدارس و التوجهات و الاسئله و الخدام اقترب الىّ يسوع نفسه، و تدخل الله برحمته و نعمته فى حياتى بطرق متنوعه و غريبه و مؤكده، استطاع من خلالها ان يستعيد النفس و يبنى الكيان و يجمع الشتات مره اخرى، و هنا لا يمكننى ان انسى شخصين التقيت بهما، احدهما مازال موجوداً و الآخر قد سبقنا الى السماء...
الاول اسم لامع جداً و مثل هذه القضيه هى مجاله الخدمى، ذهبت اليه فى ليلة شتاء اتذكرها جيداً، كان الجو بارد جداً و مطير و كانت الساعه حوالى ١٢ بعد منتصف الليل، ذهبت و انا افترض بقدر ما ان الله موجود، و خرجت من عنده و قد مات هذا الافتراض، كان يتكلم بعجاله شديده و كشاره و اقتضاب و قطع، كان يجاوب بجمل قصيره ( يجاوب على اد السؤال ) لم يشعر بى و بإنهيارى الداخلى ( شخص تانى غير اللى على المنبر خالص ) حاولت ان أخذه بسيارتى الى محل اقامته حتى يكون لدى مساحه اكبر من الوقت لاتحدث معه فى الطريق لكنه رفض بقطع، لقد كنت أعول كثيراً على لقائى معه، لكن اتذكر انى خرجت من عنده محبطاً جداً و قد ازدادت الدنيا سواداً فى وجهى، كان لقائى به من اسود ليال حياتى، ليس فقط لانى ازددت حيره لكن لانى صُدِمت فيه، خرجت و انا اقود سيارتى مخاطباً نفسى و ليس الله ( لو انت موجود فعلاً خذنى من هذه الحياة لاتيقن انك موجود )
لكن الثانى كان بمثابة طوق نجاة، اكتشفت فيما بعد ان الله هو الذى رتب ان التقى به، انه الرائع الدكتور مجدى صموئيل، قال لى كلاماً مشجعاً منيراً حقيقياً ليس اوهاماً و لكن صدقاً و حقاً، لم يكن يخدعنى بحلو الكلام حتى اتماسك، كثيرين غيره فعلوا ذلك و كنت ارفضهم و ارفض كلامهم لانى كنت لا ابغى ان اعيش مخدوع مضحوك علىّ مُسَكَّن الآلام، و لو كان باقياً على الارض الى يومنا هذا لذهبت اليه لأقول له "صدقت فى كل حرف قلته لى" لقد تحققت كلماته لى، نعم كانت رحلة مريره لكنى اكتشفت بعدها الكثير و الكثير.
اذكر البعض لعله يكون مفيداً لاحدهم :
استنارة
وتعاملات الله
يبنى
إكتشفت ان الله لا يهدم الا ليبنى على أسس اصلب و اقوى، الله لا يهدم ليدمر و لا يُميِت ليهلك لكنه يُميِت ليحيي، الله لا يرضيه بناءاً مبنى على موروثات هشه غير مُدرَكه، الله لا يشبع بشخص ذو كيان داخلى هش حافظ مش فاهم، لكنه يريد ان يضع اساساً صلباً لبناءاً صلباً .. الله احياناً يهدمك لينقلك من مرحلة الايمان الموروث الى مرحلة الايمان المدروس
يملأ
إكتشفت ان الله لا يحفر الا ليملأ، الله لا يحفر بهدف التخريب، الله صالح، لكنه إن حفر داخلك حفراً عميقه و واسعه فهذا لانه يخطط ان يملأها بمطراً غزيراً، و عندما يستخدم الله الاسئله كماكينات للحفر ثق انه يبغى عمل ممرات و قنوات و حفر لاستقبال امطار الاجابات الالهيه التى ستهطل يوماً بغزاره لتملأهم.
سباحة
اكتشفت ان العلاقه مع الله سباحه، و ان العيشه فى المحيط لمن يجيد السباحه امتع و اثمن و اكثر اثاره من العيشه الرتيبه على الارض، فى المحيط هناك كنوز و جواهر، نعم هى اصعب، نعم هى صراع مع الامواج، قد تكون أخطر لكنها امتع و افيد، فى المحيط ترى الله الماشى على الماء و ليس الله السائر على الارض
اكتشفت انه صالح و انه لم يكن يغرقنى عندنا سحب الارض من تحتى و القانى فى المحيط، كان يريد ان يعلمنى ان اسبح منفرداً كى لا اظل طفلاً محمولاً و مدفوعاً مع القطيع
اكتشفت ان الله فقط هو الذى يستطيع ان يفعل ما فشلت فيه كل المدارس، هو فقط يستطيع ان ينقلك من الارض الى البحر دون ان تغرق، هو وحده الذى يستطيع ان يمد يده لينتشلك اذا صرخت "يا رب نجنى" ، هو فقط الذى يستطيع ان يُمَشِّيك على الماء كما على اليابسه، و هو إختبار كافى و لحظه كافيه لاسقاط كل اسئله و حيره ارهقتى و أتعبتنى و أطارت نومى و مزقت تفكيرى لسنين طويلهو إن جاز لى ان انصح نصيحه لهؤلاء الذين يجتازون اختباراً مشابهاً سأقول نصيحه صغيره من كلمتين فقط ..
الكتاب المقدس .. انصح بقراءة الكتاب المقدس للذين يؤمنون به و الذين لا يؤمنون به .. للذين يفهمونه و الذين لا يفهمونه ..
انا عارف انك مستغرب من النصيحه دى و مش قابلها من جواك، لكن اسمع ماذا قال الروح القدس فى الكتاب المقدس رؤ ١ : ٣ "طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ ٱلنُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لِأَنَّ ٱلْوَقْتَ قَرِيبٌ." لم يقل طوبى لمن يؤمن مع انه بالطبع مطوب، و لم يقل طوبى لمن يفهم مع انه بالطبع مطوب، لكن اقول حتى من يقرأ و يسمع و يحفظ دون ان يؤمن و دون ان يفهم فهو مطوب، فمن خلال القراءه و السمع و اختزان كلمة الله داخلك سيتحرك الروح القدس و يقود فكرك و عقلك الجائع الباحث عن الله الى الله، سيقودك من خلال القراءة للفهم و الايمان، إقرأ حتى تفتح الباب لروح الله ان يأخذك للفهم و يعطيك الايمان
كان هناك شخص ذو منصب رفيع يقرأ الكتاب المقدس، لاحظه الله من عليائه و لاحظ انه لا يفهم ما يقرأه، فتدخل بقدرته و سلطانه و خطف فيلبس و جعله يرافق المركبه و يخترق حياة هذا الخصى الحبشى بالسؤال ( العلك تفهم ما انت تقرأ ؟ ) .. لم يتعالى و يتكبر و يَدَّعِى الفهم قائلاً مثلاً : بالطبع افهم فانا متعلم و اشغل منصب رفيع فى الدوله، لكن بتواضع شديد اعترف قائلاً كيف افهم ان لم يرشدنى احد، فبدأ فيلبس يشرح له حتى فهم و قَبِل و آمن و إعتمد .. كانت البدايه هى القراءة بقلب متضع و ليس بقلب يدعى كذباً انه يفهم كل شىء .. هذا هو كل المطلوب منك فى رحلة البحث عن الله و الحقيقه و الله سيتكفل بالباقى
إن الكتاب المقدس هو الشىء الوحيد الالهى المادى الموجود على الارض الان ( يمكن ان تمسكه و تلمسه و تقرأه بعيونك الحرفيه ) .. الروح القدس موجود فينا لكنه روح لا يُرى ..
المسيح الكلمه المتجسد حال فينا بالايمان لكنه صعد و لا يمكن رؤيته بالعيون الحرفيه الا استثناءات إن شائت حكمته ذلك .. لكن الكلمه المكتوبه هى وحى الروح القدس و احشاء المسيح موجوده بين ايدينا .. و كما قال المسيح ايام جسده ( من رآنى فقد رأى الآب ) هكذا لا يمكن معرفة الله فى رحلة البحث عنه دون الكتاب المقدس .. ان الكتاب المقدس هو النافذه التى منها نستطيع ان نطل على ملكوت الله و عالمه، فإن فتحتها سترى الله الحى الحقيقى، و ان تركتها مغلقه سترى اله آخر افتراضى رسمته خيالات عقلك البشرى و افتراضات رجال الدين خلاف الله الحى الحقيقى
من الكتاب المقدس بدأ الله يشرق على حياتى، و منه بدأ الطريق ينير، من خلاله بدأت أرى، من خلاله انسجم الصراع بل تلاشى، من خلاله اوقفنى الله على الصخر و ثبت خطواتى، من خلاله انتهى الليل و اختفت الحيره .. و هذا هو سبب عشقى لهذا الكتاب العظيم